مريم, بودوخة2015-03-122015-03-122010https://dspace.univ-setif2.dz/handle/setif2/226لقد بينت الدراسة المنجزة أن العائق الأساسي في عملية التنمية هو الأخذ بكل أبعادها ،والتأكيد فقط على جانب بعينه دون الجوانب الأخرى ,وهو ما أكد في الفصلين الأول من خلال تحديد المفاهيم ،والثاني عند تناول الأطر التصورية لعلماء الاجتماع والاقتصاد ,الذين صبوا مجمل آرائهم باتجاه ما تعانيه الدول المختلفة بوصفه نتيجة حتمية لمحاولة تقليد النموذج الغربي في التنمية دون ايلاء الاهتمام بتنمية الانسان في ثقافته ومحيطه ,والزيادة في طاقته وتحصيل إمكاناته ,عن طريق توفير الأسباب و الظروف المناسبة و التي يمثل السكن أهمها. إذ من خلاله يمارس عاداته و مواهبه ,و يكون أسرته ويحافظ عليها و قد أوضحت الصورة أكثر بمعرفة تأثير احتياجات الأسرة والمجتمع والمجال الحضري ,باعتبار أن الأخير له مميزات خاصة في السكن وهذا من خلال الفصل الثالث المعنون بالعوامل الديمغرافية والحضرية و الأسرية وعلاقتها بالسكن ,ومن التجربة الواقعية التي عرضناها عن السكن في الجزائر في فصل السياسة السكنية ومشروع السكن التساهمي, وظهر بجلاء أن غياب النظرة التنموية الشاملة ,كان من أهم الأسباب في فشل تغطية النقص في السكن ناهيك عن إنجازه بمستوى الحاجات الاجتماعية والثقافية للمواطن, وهو ما ألح على وجود صيغة السكن التساهمي والذي تركنا الدراسة الميدانية تجيب عن كيفية تحقيق تنمية حضرية من خلاله. ويعد السكن التساهمي فكرة طموحة جدا في ميدان السكن و العمران وكما قلنا في البداية كان من الممكن أن يتغير وجه المدينة كثيرا بناءا عليها, تغيرا حاسما يتضمن حقيقة معنى التنمية بشكل عام والتنمية الحضرية باعتبار المجال ,إذ لم تكن هناك فرصة على وجه الاطلاق منذ الاستقلال ضاهت تلك التي تزامنت مع خروج السكن التساهمي إلى الوجود ,حيث عرفت الجزائر بحبوحة اقتصادية ساعدها في ذلك سعر البترول ووصوله عتبات قياسية, وقد أعطى ملف السكن اهتماما غير مسبوق وأشرك المستفيد والبنوك في العملية, وبالاختصار فقد وفرت الأموال والقوانين و الإجراءات المسهلة لكن ما حدث على أرض الواقع, عكس الموازين ومنه أن توصلنا إلى بطلان ما طرح كفرضيات مبدئية في أن السكن التساهمي يساهم في تنمية المدينة الجزائرية. إن جوهر الحقيقة في مساهمة السكن في تنمية المدينة الجزائرية جاء في رأينا نتيجة الاهتمام المتواضع بتنمية الانسان, وكيف لا وقد رأينا أن هذا النوع من السكن لم يوضع ليستجيب لحجات الفرد والأسرة ولم يعكس ثقافته وهويته بل انه كثيرا ما هدد صحته. ولا عجب إن تحققت الفرضية في الجزء المتعلق بالناحية الاقتصادية, أو في البعض منها ما دام قد انطلق من أن التنمية لا تتحقق إلا بدفع العجلة الاقتصادية. ونحن إذ نضع رأينا لا نحاول إلا أن نقيم الوضع السكني في الجزائر, تقيما فرضته الدراسة وأكدت عليه الخرجات الميدانية, إذ من الناحية النظرية لم يعد يخفى على أحد أن الانطلاق من الاقتصاد لتحصيل التنمية أمر قد أثبت فشله, في كل الدول ومنها الجزائر ونجد أنفسنا إذا نطرح السؤال التالي لماذا نعيد تكرار تجارب ثبت فشلها سابقا؟ وهي الإجابة التي لم نلمس لها أثرا في الواقع ولا نتصور بهذا في المستقبل إلا النتائج الآتية : زيادة كبيرة في الطلب على السكن خاصة بتأثير العوامل الديمغرافية, فسرعان ما نجد الأبناء حتى في الأسر النووية, قد وصلوا إلى سن الزواج, وأرادوا الاستقلال بمسكن . وحتى وان افترضنا أن معدلات الزيادة السكانية في الجزائر قد بقيت في نفس المستوى المنخفض الذي هي عليه الآن, فنظرا لضيق المساحة فيه, فليس هناك امكانية لمعيشة أسرة ممتدة, وبالتالي العودة إلى نقطة الصفر في أزمة السكن. اختناق المدن وتضخمها إذ أنها ستهدد أكثر من أي وقت سابق الأراضي الزراعية ومن الممكن أن تشدد الإجراءات في البناء والحصول على الأراضي . تشوه النمط العمراني إذ أن استمرار البناء بالمعايير السابقة, من شأنه أن يخفي تماما هوية المدن, خاصة مع عمليات الهدم الجارية للبنايات القديمة. تردي حالة المباني و الوضعية الصحية, وانتشار الأحياء المختلفة, والجيوب الحضرية وبدورها هذه النتائج ترفع من معدلات الجريمة والعنف الحضري, وتصعب من حياة الفرد وتعطل بالتالي التنمية إلى أبعد الحدود. إن السيناريو الذي نرى أنه مستقبل المدينة الجزائرية, ليس تشاؤميا بل إنه نابع حقا من واقع السكن اليوم, والذي كنا نظن في بداية الأمر أنه أحسن نمط سكني عمومي, ناهيك عن السكن الاجتماعي بالإيجار, وقد نستبعد البناء الذاتي الترقوي, لأنه ليس في متناول إلا فئة قليلة من أفراد المجتمع.مساهمة السكن التساهمي في تنمية المدينة-مساهمة السكن التساهمي في تنمية المدينة الجزائرية-دراسة ميدانية في مدينة سطيفThesis