محرش, كريمة2015-03-112015-03-112012https://dspace.univ-setif2.dz/handle/setif2/71لئن حاول البحث أن يفلت من شهرة أدونيس، التي هي سبب في كثير من المواقف منه، فإنه لم يستطع أن يتجاوز عقباتٍ يضعها أمام كل باحث سَعةُ مادته، وعمقُ تناوله، واضطرابُ منهجه، وسرعةُ تحوله. أساسا، كانت هذه هي الأسباب التي وجهتني إلى البحث في الأدونيسية، ورغم افتراض صعوبات تعترض كل باحث، في أي موضوع، فإن الذي فاق التوقع، هو الحيرة المفاجئة أمام مجموعة من القضايا، استغرقت أكثر الوقت وأوفر الجهد. أعود إلى مسألة الشهرة، لأقول إن أدونيس من القلائل الذين خدمتهم آراء النقاد فيهم، في ظرف تاريخي من ثقافتنا يسهّل الالتفات إلى الكتّاب، بل ويدعو إليه، لضرورة الانسجام مع ثقافة الواقع من جهة، ولترف الخوض في قضايا تغني عن غيرها ويغني غيرها عنها. لا يسيء هذا إلى أدونيس على الإطلاق، لأنه ليس استثناء في ذلك، كما لا يخدمه من ناحية أخرى، لأنه يؤلب عليه أدعياء النقد والراكضين وراء الشهرة، و يضعه في بؤرة نقدية لا تتخطاه الأقلام فيها، ولا تعفو عن كل ما يبدو مخالفا. هكذا لاح لنا أدونيس، بعد أن أتمَّ البحثُ معالجته واستوفى ما يسميه مقترحاتٍ وبدائلَ. لم ينظر البحث إليه على أنه البديل لثقافة هي في حكم الدارس، لأن مشكلة البحث معه هي هذه بالذات: عدم التسليم بأن مجموع المكونات الثقافية العربية، اليوم، هي تاريخية ليس أكثر، وليس ثم ما يدعو إلى مواصلة اعتبارها آنية، أو تملك من الآنية ولو جزءا يحفظ لها دورها في واقع اليوم. لا يشفع لأدونيس، في نظر البحث، أن يكون على اطلاع قلما حصله غيره، على الأرضية التي جعلها مجالا للبحث الذي يعني بمفهومه التقويض، الرد، التزييف، التشكيك، وما يدخل في هذا المعنى. فليس من شك في أن مسحه للتراث النقدي العربي، الفلسفي، الديني، الأدبي والثقافي العام، وإحاطته بالمنتوج الغربي الذي غالبا ما يضعه مقابلا، وأحيانا كثيرة، ضمنا، بديلا عن التراث العربي الذي ينتمي إليه، لا شك في قدرته على الإلمام بكل ذلك، ولكن الخلاف معه في قياس هذا على ذاك، مع وجود فوارق في القياس وموانع منه في أكثر مقيساته. وكانت للبحث مشكلة ثانية مع أدونيس، هي التطرف في تحويل الدلالات من أصولها، ومن منابع معانيها، ومن اتجاهاتها التي من أجلها كانت، إلى جدة مختلفة لا صلة لها بالمنابع المذكورة، كما هو شأنه مع كثير من الظواهر. رأى البحث أن مناقشة هذه اللوائح المهيمنة في الفكر الأدونيسي يجب أن يستهلها مدخل يتناول مسألة المنهج، في أرضيته الغربية بالأساس، لا لأن ثقافتنا عارية من ذلك وحسب، ولكن لأن الطرح الأدونيسي، في جميع زواياه، ينطلق هذا المنطلق ويؤسس عليه. فأغلب مشكلاته قائمة على استهلاك متواصل لهذه الثقافة، وأكثر نقاشه دائر بأسلوب نعثر عليه فيها صارخا مدويا. على أن الحاجة التي كانت وراء شيء من الإلحاح على البيان والتفصيل، هي هيمنة كثير من المفاهيم النقدية في المنظومات الأم هيمنة لا فصل في التعريف بها، والأخذ النهائي بها. هذا من جهة، ومن جهة ثانية سرعة التحول عنها كانت دافعا لمحاولة فهم هذه السرعة في طفوّها على السطح النقدي التطبيقي، بنفس السرعة التي تذهب بها وتندثر. كل هذا كان طريقا إلى تحديد موضع أدونيس بين المناهج، و ــ ضمنا ــ موقفه منها. والتقرير الذي كان غلافا للسؤال الحقيقي: "هل لأدونيس منهج في الكتابة؟" لم يكن ليهدف إلى الإجابة، لأنها مستشفة من العرض الأدونيسي في شموليته، ولكنه سؤال مسوغ للبحث في حد ذاته، تجاوزا لثقافة الجاهز التي طبعت كتابات كثير من خصوم أدونيس، قصد الوصول إلى الحقيقة بطريق البحث الفردي والنظر الفاحص، لا غير؛ وبعيدا ــ على وجه الخصوص ــ عن عقلية التجريم التي سوّغت كثيرا من الكتابات التي لا تستحق نعت الكتابة، وقد ضرب البحث لذلك أمثلة من موظفي الأصولية وحَمَلة خطابها، ذلك الضيف الثقيل على الفكر والإبداع. أهم ما في الفصل الأول، تتبع فلسفة الكتابة عند أدونيس، مرجعياتها، أدواتها وغاياتها. لم يتبين أن أدونيس انطلق من عدم في مشروعه الضخم، ولا هو انتهى إلى تحقيق التحولات التي رامها على امتداد ما كتب. بدا الرجلُ مستفيدا جيدا من قراءات كثيرة ومتنوعة لمشاريع ثقافية وفكرية كونية، ومتتبعا دؤوبا لما يجري في واقع الإنسانية الحاضرة، بما أعانه على اتخاذ أرضيات للكتابة، من هذه المواد، لم يحسن مشاركته فيها كثير من حَمَلة الأقلام، وقد استطاع بأسلوب في العرض له براعته، أن يُشْعِر بقلق وجودي يقف وراء الدوافع التي هي دوافعه في تغيير المشهد الثقافي العربي، باسم حداثةٍ، إن أقنعت طرفا من مُواليه، فإنها لم تقنع نقاده باستحقاقها وصف "الحداثة"، لغياب أصولها العربية من جهة، فهي بنظر البعض نسخة غربية مشوّهة، ولما فيها من ماضوية مبطنة رغم شعار التحديث، الغالب. الإشكالية الأخرى التي يركز عليها مشروع الكتابة عند أدونيس، هي أن ما يكتب عربيا صورة لواقع مهزوم، يجب أن يتغير، لأن السبب في انهزاميته، بعد عقدة الماضي، هو الدين بصفته عامل تأخر. وقد استغرق جهدا مضنيا، لا يبدو أنه عانى منه، في الاستدلال على سلبية الدين بجميع صفاته وإن كان أعطى انطباعا بأن الذي يعنيه من الدين المؤخِّر إنما هو الأصولية، غير أنه يتراجع عن هذا الإيضاح لحساب تحميل الدين بشموليته مسؤولية الانتكاس الحضاري الذي نعاني منه جميعا. والذي توجه البحث إلى مناقشته في هذا الأمر تحديدا، هو استشكال الجمع بين الدين وبين المضامير البعيدة عنه فكرا وأدبا، انطلاقا من أن الدين وجّه حياة الناس في أخلاقياتها بعد العقائد، ولم يتحكم، كما يظن أدونيس، في الخيارات الجمالية التي هي أساس النظرة الفردية للحياة التي لا تصطدم مع الغيب ومع الواقع الاجتماعي. والذي يُذكَر من المشكلات مع أدونيس في موضع كهذا، هو أنه كان مساندا للثورة الإيرانية، ذات الأساس الديني المتطرف...فأي من الشخصين في أدونيس أَيَّد هذا التأييد: الملحد أم المؤمن؟ المثقف أم المتدين؟ في سياق قريب من هذا، كانت الصوفية في النقاش الذي أثاره أدونيس، أرضية لتجربة روحية بعيدة عن صورتها في الثقافة الإسلامية، أي بعيدة عن كونها غير دينية، يُكتفى فيها بتجربتها مع اللغة التي دونت بها بعض لقطاتها، وهو بذلك يستدعي ويستأنف تيارا غربيا كان وراء نشأة ما يسمى بالتصوف اللاديني (ميستيك ألأتي)،مقاربا بين تيارين متباعدين في الزمكان، متدابرين في الغايات، ولا شيء يجمع بينهما في المضامين. لم يستوِ هذا في نظر البحث، لأنه إسقاط يفتقر إلى دواعيه الموضوعية، فقياس الصوفية في الإسلام على السوريالية بما هي تيار جمالي محض، أمر لا يملك من الدواعي ما يكفي لتسويغه، ذلك أن السياق الروحاني الذي تأتي منه التجربتان يغيّبه أدونيس، ليدرجهما في سياقٍ إلحادي للتجربة الجمالية فيه السيادةُ المطلقة، كأن لم يكن للروح أن تنطق إلا باسم الجمال، أدبا وفنا. والذي فاجأ بأكثر من مقياس، هو تكلف التقاطعات بين التوجهين، وافتراض اللقاء بينهما في غياب ما يؤيد ذلك من أدوات النظر وعوامل التجربة، بعبارة تعتصر المعنى من غير دَوَالِيه، وتختلقه قسرا حتى لكأن المتلقي لا يملك إلا أن يقبل بصورة للحقيقة عدا ما في وعي الكاتب وفي عبارته. من اللقطات المهمة كذلك في الفصل الأول، مسألة تلقي أدونيس بوصفه مبدعا باعثا على المواقف المختلفة، وتلك مسألة تذهب في عمقها إلى التلقي العربي عموما، وإلى تلقي أدونيس على وجه الخصوص. لا شك أن أدونيس أكثر الكتاب إثارة للتلقي، لأنه أكثرهم اهتماما ( لا أهميةً في نظر البحث)، وأدعاهم إلى الوقوف عند مقاله، بالنظر إلى طبيعة خطابه وإلى لغته أيضا (نعني الصياغة اللفظية التي تتعمد الاستفزاز)، ولكن البحث مضى على أن لا شيء يبرر ابتعاد كثير من القراءات عن منهج القراءة بصفتها وسيلة للنظر تؤسس للتواصل مع المنجز العلمي. كان البحث يريد الاهتداء إلى علة غياب رؤية في القراءة، هل مرد ذلك إلى النصوص أم يرتد إلى القارئ الذي لا يزال غائبا في منظومتنا الثقافية؟ اتسع الفصل الثاني، في أهم محطاته، إلى مشكلة المنهج عند أدونيس، بهاجسٍ غالبٍ أساسُهُ التساؤل الآتي: هل لأحد من الكتاب أن يدوس على المنهج ؟ لا يؤمن البحث بإطلاقات من هذا النوع، وإذا كان طبيعيا أن يقصر كاتب من الكتاب دون منهج من المناهج، لدخول عناصر يصعب التحكم فيها، أو لضعف التصور المنهجي للكاتب، أو لقصور المنهج في حد ذاته عن احتواء عوامل النقاش وعناصر الموضوع، إذا كان كل ذلك طبيعيا، فإن الذي ليس كذلك هو إعلان الكتّاب عن تجاوزهم للمنهج لأن ما يقترحونه على قرائهم أعلى منه. لاحت مجموعةٌ من المعطيات المتيحة لنقاش هذه الإشكالية، انطلاقا من أهم ما في طروحات أدونيس وموضوعاته، وتأسيسا على مفاصل تمكّن من النقاش الهادئ، من الشكل إلى المضمون انتهاء بالسياق، وقد دعت هذه المعطيات إلى استصحاب نظريات كالتأويلية، ونظرية القراءة ( بصورة متعجلة لأنها لم تكن مقصودة من الناحية النظرية)، ونظرية التفسير النفسي تحت عنوان النموذج الأعلى(أرشتيب ) بغية وضع التصور الأدونيسي للمنهج موضع التطبيق. هيمن على مناقشة إشكالية الشكل قضية المتن والهامش، التي استرفدها أدونيس من أدبيات التفكيكيين، وهو في ذلك منسجم مع موقعه في خارطة الانتماء الإيديولوجي، الذي يحكم عليه، تاريخيا وسياسيا، بالاكتفاء بالهامش. على أن الهامش، في التطبيق الأدونيسي موقع قوة، لأنه أصل كتاباته وسبب وجودها على الإجمال، ومسوغ، أقوى مسوغ، للخلاف والمغايرة. ثم هو طريق لتحميل النصوص معاني لا تقولها ألفاظها، مدرجة فيما يسمى بالمسكوت عنه والمغيّب، الذي يفطن له أصحاب القدرة على ركوب المقولات إلى وجهة الممنوع. كما هيمن على مناقشة إشكالية المضمون قضية العقل ومحنته، في تاريخنا الثقافي، والنظر إليه بصفته متجاوَزًا لحساب خطاب سياسي ــ ديني، استغلت حمولتَه السلطُ لتبرير وجودها، ولترسيخ بقائها، ولتسويغ توظيف الدين بما ليس من طبيعته. يرى البحث أن في هذه النظرة إلى العقل بعض التسوّر للحقيقة، لأننا هنا إزاء نظرة إلى عقل مهدَر بعيد عن طاقته التأثيرية، وبعيد عن وظيفته في الوجود، بما خلاصته أن النظم المعرفية في التاريخ العربي عميلة لما هو عدو للإيجابية، متواطئة مع عوامل الهدم، مما يسوّغ الحنين إلى الجاهلية أو الدعوة إلى إعادة النظر في حركات الهدم في تاريخنا الإسلامي. كان، من هنا، احتفاء أدونيس بالنماذج المحسوبة على العقلانية التي لم تقنع في عصورها مَن عاصرها، ومن جاء بعدهم إلا قليلا، دليلا على إسناد دور للعقل بعيدٍ عن موقعه في المنظومة المعرفية العربية الإسلامية. رأى البحث أن في ذلك قفزا على كينونة العقل التي بها كان طريقا إلى المعرفة، وإلى صياغة نظرة إلى الكون منسجمة مع جديد الحياة العربية في إطارها الإسلامي. والذي هيمن على ثالثة الثلاث، إشكالية السياق، هو مسألة الشفوية التي اعتبرها البحث مفصلا مهما في الثقافة العربية الإسلامية، بها نقل الموروث بزخم مواده وبخصوبة مضامينه، نقلا أصغى كثيرا إلى الدلالات فلم يحوّلها، مع الاعتراف بوجود انفلاتات طبيعية لم تَخْلُ منها ثقافة. على أن الذي شوّش على مناقشة هذه الإشكالية هو الذي سماه طه عبد الرحمن بالنظرة التجزيئية إلى التراث، وهي نظرة غالبة على الأطروحة الحداثية، عند أدونيس وعند غيره، فقد تعودنا على قراءةٍ "تحاكم" الأصل بالفرع، وتقاضي الكل بالجزء، ولذلك حصلت التغطية على مواقفَ حقيقةٍ بالإشادة والاستذكار، وأحيت منجزات ولدت في عصورها ميتة. على هذه القضية ختم البحث مواده، متطلعا إلى أنه حاول قراءة منجز فكري وإبداعي حقيق بالاحترام، ولأنه كذلك فهو قابل لأن يُجادَل فيما أراد أن يكون حرّا في نقده ورفضه، يعني متأهل لممارسة الحرية معه كما مارسها هو مع غيره. لا يدعي البحث أنه أفضى إلى نهايات النظر في مشروع أدونيس، ولكن يهيب بالباحثين أن يكشفوا فيه ما لم يكشف بعد، فهو وإن لم يتمكن من ذلك فحسبه أنه أراد فحاول، وحاول فأصاب وأخطأ.................................................................................................................................................................................................................. Le titre de ce résumé est significatif à plus d'un titre. Il renvoie à une vision de la création littéraire donnée pour être classique, voire même archaïque, véhiculée par une tendance qui se veut gardienne des valeurs esthétiques héritées d'un passé glorieux, certes, mais dans son verbe et sa structure, elle se trouve surclassé e par les nouvelles valeurs. D'autre part, la vision qui se pr opose comme alternante à la première, se trouve elle aussi porteuse de valeurs qui vont au - delà même de la différence, c'est - à - dire à l'adversité à l'endroit de tout ce qui est original. Opposées l'une à l'autre, les deux conceptions de la création littéra ire poussent vers un débat d'idées que pratiquement toutes les cultures ont connu. Il s'agit d'un débat serré et moins équilibré que ce qu'il devait être , en ce sens que la culture arabo - musulmane se trouve, dans les nouvelles dispositions civilisationnelles, confrontée à un esprit d'adversité qui la condamne à gagner le pari de la modernité. Avis que ne partage pas l'ensemble de la composante intellectue lle arabo - musulmane. Certaines des voies mises à l'index pour leur appel franc à la rupture avec les modalités d'écritures anciennes, dont le poète et critique syrien, Adonis, mènent un combat acharné pour un pas décidé et décisif v ers la modernité, instal lant un dispositif critique à même de gommer toute réalisation ayant un parfum de passéisme, et étouffant toute écriture partant d'une conciliation possible entre les deux bouts de notre histoire culturelle, qui reste, dans tous les cas de figure, l'incarn ation de notre façon d'être. En attendant de proposer les choix définitifs, le débat continue comme il a commencé il y a plus d'un demi - siècle. C'est - à - dire plusieurs décennies de divergences. Dans l'attente, le monde avance!!!other.فلسفة الكتاب.الإنسانية الحاضرة.الصوقية.التصور الأندونيسي للمنهج. أدونيسآفاق الكتابة ومشكلة المنهج عند أدونيسThesis